OMAR 3D عضو جديد
عدد المساهمات : 1 نقاط : 9456 السُّمعَة : 11 تاريخ التسجيل : 21/12/2011 العمر : 29
| موضوع: مفهوم تطور الشعر في الوطن العربي الأربعاء 28 ديسمبر 2011 - 3:31 | |
| يعرف أن ظاهرة الإنتماء في العربي ظاهرة فطرية قبل أية ظاهرة أخرى ، ويبدو أن الإلتصاق بالوطن عاش معه منذ رأت عينه النور ، والوطن كما عرفه ابن منظور في لسان العرب بأنه المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله ، وعرف عن العرب كثرة حنينهم لأوطانهم حتى أن الجاحظ يقول في رسالته الحنين إلى الأوطان : (( كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه )) وعرف العربي ضروباً من الإنتماء للوطن تمثلت بمظاهر متعددة وصور مختلفة وكانت القصيدة اللسان المعبر عن هذه المظاهر والصور . حيث اختلفت أغراض الشعر وتعددت مذاهب الشعراء ومشاربهم غير أنهم أجمعوا على شيء واحد هو الوطن وحب الوطن ، وكثيراً ما بدأ الشاعر الجاهلي قصيدته بالوقوف على الأطلال ، فقد جعلوا هذا الأخير لحناً يفتتحون به قصائدهم ، ويقول زهير بن أبي سلمى في مطلع معلقته : أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
ودار لها بالرقمتين كأنها مراجيع وشم في نواشر معصم ويظهر لنا أن أكثر ما يخيف العربي أن يصبح بعيداً عن وطنه ، شاعراً بغربة الإنتماء ، قال الأعشى : سأوصي بصيراً إن دنوت من البلى وصاة امرئ قاسى الأمور وجرَّبا
بأن لا تبغّ الود مــن مـتباعد ولا تنأ عن ذي بـغضة إن تقرََّبا ويستمر التغني بالوطن والحنين إليه ما استمر الشعر والشعراء . ففي عصر اشتعلت فيه الثورات الوطنية ضد قوى الإستعمار وبعيداً عن أرض الوطن يصف خير الدين الزركلي حاله بعد فراقه وطنه فيقول : العينُ بعدَ فراقها الوطـنا لاساكناً ألف ولا سكنا
ريانة بالـــدَّمع أقلقها ألا تُحسَّ كرى ولا وسنا
كانت ترى في كلِّ سانحةٍ حُسناً ، وباتت ( لاترى حسنا )
ليت الذين أحِبُّهم علموا وهمُ هنالك ما لقيت هنا غير أن التحول الجذري لصورة الوطن في الشعر العربي يأخذ رمز المرأة الوطن ، فالشاعر هنا يختزل كل شيء في تجربته ، وتجربة شعبه ، والتجربة الوجودية المشتركة التي تنصهر في بوتقة الذات بالجماعة حيث تشترك فيها الأرض بوصفها جسداً بعيداً ، والمرأة بوصفها حلماً قريباً وتذوب فيه التفاصيل بين المحبوبة والوطن . وقد تجلت هذه التجربة في شعر نزار قباني ، إذ يقول : قادمٌ من مدائن الريح وحدي فاحتضني كالطفل يا قاسيونُ
احتضني ولا تناقش جنوني ذروة العقل يا حبيبي الجنونُ
احتضني خمسين ألفاً وألفاً فمع الضمِّ لا يجوزُ السُّكونُ أريد إنهاء المقال وفي النفس شغف وتعلق بالقصية الجاهلية ، تلك القصيدة العربية المظهر والبناء والمضمون التي ترسم لنا الشكل الأمثل لعلاقة الإنتماء كظاهرة تفرد بها العربي منذ وجوده ....... وهنالك أسئلة أساسية تراود الذهن ومن أهمها أنه هل سيتوقف تطور مفهوم الوطن في الشعر العربي عند هذه المرحلة أم سيصل إلى مراحل معينة في المستقبل القريب . | |
|