منتدى الرشيد التعليمي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلاً وسهلاً بكم معنا في منتدى الرشيد التعليمي
نتمنى أن تتكرموا بالتسجيل أو الدخول لتتمتعوا بكافة الخيارات والمزايا
يُسعدنا ويُشرفنا تواجدكم
حياكم الله
منتدى الرشيد التعليمي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلاً وسهلاً بكم معنا في منتدى الرشيد التعليمي
نتمنى أن تتكرموا بالتسجيل أو الدخول لتتمتعوا بكافة الخيارات والمزايا
يُسعدنا ويُشرفنا تواجدكم
حياكم الله
منتدى الرشيد التعليمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الرشيد التعليمي

منتدى تعليمي تعلمي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ** أهلاً وسهلاً بكم في منتدى الرشيد التعليمي ** نتمنى أن تجدوا المتعة والفائدة معنا ** الأستاذ : شحادة بشير

 

 المعارضات في الشعر العربي :[تم]

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
حلا سوريا
عضو جديد
عضو جديد
حلا سوريا


عدد المساهمات : 13
نقاط : 10044
السُّمعَة : 14
تاريخ التسجيل : 08/04/2011
العمر : 29

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالثلاثاء 10 مايو 2011 - 2:47

بدي مساعدتكم بكتابة موضوعين عربي قبل يوم الاربعاء
الموضوع الأول :
اختر شخصية مهمة لقضايا المجتمع ،وأجر معها مقابلة صحفية عن قضية اجتماعية طارئة .
الصفحة 144
الموضوع الثاني :
تجلت محاكاة الأقدمين عند الشعراء الاتباعيين العرب في العصر الحديث من خلال معارضاتهم فحول الشعر في العصر العباسي .
الموضوع بالصفحة 145
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إبراهيم الحمود
الوسام الفضي
الوسام الفضي
إبراهيم الحمود


عدد المساهمات : 119
نقاط : 10447
السُّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العمر : 28
الموقع : الرقة - سوريا

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالثلاثاء 10 مايو 2011 - 23:38

سلام
والله الموضوع الأول ما أخذناه بالمدرسة والموضوع الثاني أخذنا تيار التجديد وليس تيار المعارضة بس أستاذنا شرح هالتيار ورح أكتب اللي أتذكرو:
لقد ظهرت المعارضة في بادئ الأمر في العصر الأموي على شكل حركات سياسية كحركة الخوارج وحركة الشيعة أما في العصر العباسي فقد تطورت لتدخل ميدان الشعر ون أمثلتها أبي تمام الذي قرر اتباع تيار التجديد بإضافة أشياء جديدة للقصيدة العربية بما جاء مع التغيرات الجديدة التي طرأت على الدولة العباسية أما تلميذه البحتري فقد عارضه وقرر العودة للشكل الأصيل للقصيدة العربية كما كانت عليه أيام إمرؤ وزهير
وفي العصر الحديث فقد قام بعض المفكرين العرب أمثال محمود سامي البارودي وشفيق جبري ونازك الملائكة باتباع تيارات خاصة وكل منهم حسب تفكيره ورأيه وقد اتبع شفيق جبري تيار المعارضة حيث عارض أبو الطيب المتنبي من العصر العباسي فقد حاكى وقلد الشعراء الأقدمين في جزالة اللقظ وقوة المعاني والأصالة العظيمة في كتاباتهم على عكس ما انتهجه المتنبي الذي قرر إدخال عناصر جديدة من الحضارات الفارسية واليونانية وغيرها.
والله هذا كل اللي أتذكر من شرح الأستاذ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حلا سوريا
عضو جديد
عضو جديد
حلا سوريا


عدد المساهمات : 13
نقاط : 10044
السُّمعَة : 14
تاريخ التسجيل : 08/04/2011
العمر : 29

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالجمعة 13 مايو 2011 - 17:48

مشكورة جهودك
وياريت يلي بيعرف يساعدني بموضوع المعارضات
مضطرة عليه ضروري [b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حلا سوريا
عضو جديد
عضو جديد
حلا سوريا


عدد المساهمات : 13
نقاط : 10044
السُّمعَة : 14
تاريخ التسجيل : 08/04/2011
العمر : 29

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالسبت 21 مايو 2011 - 17:43

شوماحدا كاتب موضوع المعارضات الشعرية
يلي كاتبه يساعدني بدي إحفظه عشان الامتحان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
S.H.H B
نائب المدير العام
نائب المدير العام
S.H.H B


عدد المساهمات : 235
نقاط : 10869
السُّمعَة : 138
تاريخ التسجيل : 11/11/2010
العمر : 31
الموقع : سوريا

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالسبت 21 مايو 2011 - 19:33

1-تعريف (المعارضات):
(عرض) لغة: ظهر، و(عارضه) سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. و(عارض) الكتاب بالكتاب: قابله. وقد جاء في معجم (لسان العرب) أن (المعارضة) هي المحاذاة.
و(اصطلاحا) هي أن يقول الشاعر قصيدة في موضوع ما، فيأتي شاعر آخر، فينظم قصيدة أخرى على غرارها، محاكياً القصيدة الأولى في وزنها، وقافيتها، وموضوعها، مع حرصه على التفوق.
وهكذا تقتضي (المعارضة) وجود نموذج فني ماثل أمام الشاعر المعارض، ليقتدي به، ويحاكيه، أو يحاول تجاوزه. ولهذا لم تكن في الشعر الجاهلي (معارضات) لأن المثال (أو النموذج) الشعري قبله كان مجهولاً.
2-تاريخ (المعارضات):
الشعر الجاهلي هو أقدم شعر وصل إلينا. ولهذا اتخذ مثلاً و(نموذجاً) ينبغي احتذاؤه، دون أن تجد فيه ذكراً لمعارضات شعر قبله، بل فيه، من ذلك حادثة الاحتكام إلى أم جندب (زوجة امرؤ القيس)، والتي كانت بين زوجها وعلقمة بن عبدة (الفحل)، حيث قالت لهما: قولا شعرا تصفان فيه فرسيكما، على روي واحد، وقافية واحدة. فقال امرؤ القيس قصيدته التي مطلعها:
خليليَّ مُرّا بي على أمّ جندب
لنقضي لباناتِ الفؤادِ المعذّبِ
حتى وصل إلى قوله:
فللسوطِ ألهوبٌ وللساقِ درّةٌ
وللزّجْرِ منه وقعُ أهوج منعب
ثم أنشد علقمة قصيدته التي مطلعها:
ولم يكُ حقاً كلُّ هذا التجنبِ
ذهبتَ من الهجران في كل مذهبِ
حتى وصل إلى قوله:
فأدركهن ثانياً من عنانه
يمرُّ كَمرّ الرائح المتحلبِ
فقالت لامرئ القيس: علقمة أشعر منك. فقال: وكيف ذاك؟ قالت لأنك جهدت فرسك بسوطك، ومريته بساقك. أما علقمة فقد أدرك طريدته وهو ثان من عنان فرسه، لم يضربه بسوط، ولا مراه بساق، ولا زجره. فقال امرؤ القيس: ما هو بأشعر مني، ولكنك له وامقة. فطلقها وخلف عليها علقمة فسمي (الفحل).
وعلى الرغم من أن أثر التكلف والوضع في هذه القصة فإنها ذات دلالة واضحة.
أما الشعر في صدر الإسلام فيبدأ بالبعثة النبوية (13هـ)، وينتهي بآخر الخلفاء الراشدين، وقيام الدولة الأموية (40هـ). وفيه انصرف الشعراء إلى القرآن الكريم يستلهمونه، كتعويض فني عن الشعر، وعلى الخصوص عندما نزلت الآيات التي تسفّه الشعر (وما هو بقول شاعر)، و(الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون. إلا الذين آمنوا" (سورة الشعراء). والأحاديث النبوية: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعرا). ولهذا صمت بعض الشعراء مثل: لبيد الذي قال: لقد عوضني الله عن قول الشعر بالقرآن. وتحول بعضهم عن القيم الجاهلية إلى القيم الإسلامية، فناصر الدين الجديد بشعره، كما فعل حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، ممن جندوا شعرهم في سبيل الدين الجديد، ومن هنا تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم لحسان وقوله له: "اهجهم ومعك جبريل روح القدس. والق أبا بكر يعلمك تلك الهنات" وتزويجه إحدى الجاريتين اللتين أ ه داهما له المقوقس، فولدت له عبد الرحمن. ومن هنا أيضاً استماعه إلى كعب بن زهير يلقي مدحته، بعد أن كان قد أهدر دمه.
واستمر الخلفاء الراشدون على ذلك، فعمر بن الخطاب ينهى الناس عن أن يتناشدوا ما كان بين الأنصار ومشركي قريش من مناقضات، ويرى في ذلك إثارة للعصبية وتجديداً للضغائن.
ولما جاءت الفتوح، تشاغلت العرب عن الشعر بالجهاد وغزو فارس والروم، ولهيت عن الشعر وروايته، كما يقول ابن سلام، ولم يتح للمجاهدين الإخلاد إلى نفوسهم، فقد حرمتهم التعبئة المستمرة ساعات الفراغ، وملأت حياتهم، فانطلقوا في البلدان يشرعون سيوفهم في سبيل الله.
والواقع أن الفتوح ينبغي أن تثري الشعر عندما تتيح للشاعر أن يشهد ما لم يشهده من بلدان بعيدة، وطبيعة جميلة، وحروب شديدة. وحنين إلى أهله وذويه. ولكن الحركة الدائبة، والتنقل المستمر لم يتيحا له قول الشعر إلا على عجل. ومن هنا برزت ظاهرة فنية جديدة في شعر الفتوحات هي أن هذا الشعر أصبح شعر مقطوعات لا قصائد وأن الشاعر لم يعد بحاجة إلى مقدمات طللية، وإنما هو يهجم على موضوعه، دون تمهيد، كما يضرب المحارب بسيفه.
وأما العصر الأموي فيبدأ سنة 40 هـ وينتهي سنة 132هـ وقد استرد الشعر فيه مكانته، بعد أن هدأت موجات الفتوح، وعادات العصبية القبلية، وتوجهت الحراب إلى الداخل، بدل توجيهها إلى الخارج. وظهرت الأحزاب السياسية: الأمويون، والزبيريون، والهاشميون، والخوارج. ولكل حزب أدباؤه.
وإذا كانت (النقائض) قد استعرت في العصر الجاهلي بسبب العصبية القبلية، وفي العصر الإسلامي بسبب الرد على قريش، وبلغت أوجها في العصر الأموي، فإن (المعارضات) لم تكن قد عرفت بعد باستثناء حادثة بين جميل بن معمر، وعمر بن أبي ربيعة، فقد قال جميل بثينة:
عرفت مصيف الحي والمتربعا
كما خطّتِ الكفُّ الكتابَ المرجعا
فقال عمر بن أبي ربيعة معارضا:
ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا
ببطنِ حليات دوارس بلقعا.
فقد جاءت الألفاظ في القصيدة الثانية شبيهة بمفردات القصيدة الأولى المعارضة، وهذا لا ينقص من قدر القصيدة الثانية. والقصيدتان تعارضان قصيدة الصّمّة القشيري (95هـ) التي مطلعها:
حَنَنْتَ إلى ريّا ونفسُكَ باعَدَتْ
مزارَكَ من ريّا وشعباكما معا
والحق أن عمر بن أبي ربيعة قد تأثر بشعر جميل بثينة، فأبدى إعجابه برائيته التي منها قوله:
أغاد أخي من آل سلمى فمبكر؟
أبن لي أغاد أنت أم متهجر؟؟
فعارضها عمر برائية لا تقل عنها روعة وجمالا، تبعه فيها وزناً وقافية ورويا وموضوعاً، ومنها قوله:
أمِنْ آلِ نُعْم أنتَ غادٍ فمبكرُ
غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمهجّرُ؟
وأما العصر العباسي فقد بدأ سنة 132هـ وانتهى سنة 656هـ وفيه اتسعت رقعة الخلافة، وضعف دور الخلفاء، فاستقلت كل دولة ببلادها: البويهيون في الديلم، والعراق وفارس، والحمدانيون في شمالي الشام، والإخشيديون في مصر، والفاطميون في مصر، والسلاجقة في العراق، والأيوبيون في مصر والشام.. إلخ.
وفي هذا العصر نشب الصراع بين القدماء والمحدثين، وانصبت في نهر العربية الكبير روافد ثقافات عديدة، وحضارات أمم منهارة. واستفاد الشعراء اللاحقون من السابقين: فقد اقتفى شعراء الغزل أثر جميل بن معمر وعمر بن أبي ربيعة من العصر الأموي، وأفاد شعراء الخمرة والمجون من خمريات أبي نواس، ونهج بديع الزمان الهمذاني في (مقاماته) نهج أستاذه أحمد بن فارس في مقاماته، واحتذى الحريري حذو البديع في مقاماته.
ولم تكن (المعارضات) قد عرفت بعد على نطاق واسع، كما عرفت (النقائض) في العصور الجاهلية والإسلامية والأموية، باستثناء حوادث فردية تأثر فيها الشعراء بقصائد معاصرة، فحاكوها، مثال ذلك أن أبا نواس عندما قال قصيدته:
يا ريم هاتِ الدواةَ والقلما
أكتب شوقي إلى الذي ظلما
عارضه الشاعر الخراز بقصيدة التزم فيها الموضوع والوزن والقافية وحركة الروي، قال فيها:
إن باح قلبي فطالما كتما
ما باح حتى جفاهُ مَنْ ظلما
ولم تكثر (المناقضات) الشعرية ولا (المعارضات) في الشعر العباسي، وإنما كثرت (المطارحات) الشعرية التي هي قريبة من باب (المعارضات)، والتي ازدهرت في مجال الأنس والسمر والشراب، من ذلك قصيدة أبي نواس الهمزية في وصف الخمر، والتي مطلعها:
دَعْ عنك لومي فإنّ اللومَ إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ
فعارضه الحسين بن الضحاك (الخليع) بقوله:
بُدّلت من نفحات الوردِ بالآء
ومن صبوحك درّ الإبل والشاءِ
فقد تابعه الخليع في ذكر الخمر والشعوبية. كما عارضه ابن المعتز في قصيدة يقول فيها:
أمكنت عاذلتي من صمت أباء
ما زاده النهي شيئاً غير إغراء
-كما عارض أبو تمام قصيدة أبي نواس التي مطلعها:
يا دارُ مافعلتْ بكِ الأيامُ
ضامتْكِ والأيامُ ليس تُضامُ
فقال أبو تمام:
دِمَنٌ ألمّ بها فقال سلامُ
كم حلّ عقدةَ صبره الإلمامُ
وعندما قال أبو تمام قصيدته الرائعة التي مطلعها:
السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعبِ
عارضه ابن القيسراني بقصيدة مطلعها:
هذي العزائمُ لا ما تدعي القُضُبُ
وذي المكارمُ لا ما قالت الكتبُ.
-وأما المتنبي فقد عارضه الكثير من الشعراء باعتباره (مالئ الدنيا وشاغل الناس). فعندما قال قصيدته في مدح سيف الدولة:
على قَدْرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ.
عارضها ابن زريك (ت 556هـ) بقصيدة مطلعها:
ألا هكذا في الله تمضي العزائمُ
وتقضي لدى الحرب السيوفُ الصوارمُ
كما عارضه أسامة بن منقذ بقصيدة مطلعها:
لك الفضل من دون الورى والأكارم
فمَنْ حاتمٌ؟ ما نال ذا الفخر حاتمُ
-وعندما قال المتنبي قصيدته التي يمدح بها سيف الدولة، ومطلعها:
أعلى الممالك ما يُبنى على الأسَلِ
والطعنُ عند محبيهن كالقبلِ
عارضه عبيد الله الموصلي بقصيدة مطلعها:
ظبا المواضي وأطراف القنا الذبل
ضوامنٌ لك ما جازوه من نفل
-وعندما قال المتنبي بائيته التي مطلعها:
بأبي الشموس الجانحات غواربا
اللابسات من الحرير جلاببا
عارضه صفي الدين الحلِّي بقصيدة مطلعها:
أسبلن من فوق النهود ذوائباً
فجعلن حباتِ القلوب ذوائبا
ولعل (المعارضات) الحقيقية بدأت في الشعر الأندلسي عندما شعر الأندلسيون أنهم دون المشارقة علما، فاعترفوا بفضل المشرق عليهم، وقام الكثير من أدبائهم وشعرائهم بمعارضة الأدباء والشعراء المشارقة الذين يعتبرونهم أساتذتهم، فمحمد بن عبد ربه يضع كتابه (العقد الفريد) ليشابه كتاب (عيون الأخبار) لابن قتيبة، والصاحب بن عباد يقول عندما يطلع عليه: (هذه بضاعتنا رُدّت إلينا). كما صنفوا شعراءهم تصنيفاً يتصل بشعراء المشرق، فقد لقبوا ابن دراج القسطلي بمتنبي الأندلس، ومثله ابن هانئ، وابن زيدون بحتري الأندلس من ذلك معارضة أبي بكر الأشبوني لرائية أبي فراس الحمداني التي مطلعها:
أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبرُ
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ؟
فقال الأشبوني:
وليل كهمّ العاشقين قميصُهُ
ركبتُ دياجيه ومركبُهُ وعْرُ.
ومعارضة ابن دراج القسطلي لأبي نواس التي يمدح فيها الخصيب، ومطلعها:
أجارةُ بيتينا أبوك غيورُ
وميسورُ ما يُرجى لديك عسيرُ
فعارضه ابن درّ ا ج بقصيدة يمدح فيها المنصور بن أبي عامر، مطلعها:
ألم تعلمي أنّ الثواءَ هو الثرى
وأنّ بيوتَ العاجزين قبورُ
وعارض أبو الحسن البغدادي (الفكيك) مسلم بن الوليد في قصيدته التي قالها في مدح الرشيد والتي فيها:
أديرا عليّ الكأسَ لا تشربا قبلي
ولا تطلبا عند قاتلتي ذحلي
فقال الفكيك معارضا:
لأية حال عن سُنّةِ العدل
ولم أصغ يوما في هواك إلى العذل
كما ع ا رضها محمد بن عبد ربه بقوله:
أتقتلني ظلماً وتجحدني قتلي
وقد قام من عينيك لي شاهد عدل
-وعارض أبو بكر بن نصر الإشبيلي أبا تمام في رائيته التي يمدح بها المعتصم والتي مطلعها:
رقّتْ حواشي الدهر فهي تمرمرُ
وغدا الثرى في حليه يتكسّرُ
فقال الإشبيلي:
انظرْ نسيمَ الزهر رقّ فوجههُ
لك عن أسرّته السرية يُسفرُ
-وعارض ابن خفاجة أبا تمام في رائيته التي يمدح بها المعتصم، ويقول فيها:
الحقُ أبلجُ والسيوفُ عوارِ
فحذارِ من أُسْدِ العرين حذارِ
فقال ابن خفاجة معارضا:
سمح الخيال على النوى يزار
والصبح يمسح عن جبين نهار
-وعارض ابن هانئ الأندلسي (الذي يفتخر بلقبه: متنبي الأندلس) المتنبي الذي يمدح ابن عامر الأنطاكي بقوله:
أطاعنُ خيلاً من فوارسها الدهرُ
وحيداً، وما قولي كذا ومعي الصبرُ
فعارضه ابن هانئ برائيته يمدح فيها المعز لدين الله الفاطمي لفتح مصر من حكم العباسيين:
تقول بنو العباس هل فتحت مصر
فقل لبني العباس قد قضي الأمرُ
-وعارض ابن عبدون المتنبي في بائيته التي يمدح بها كافورا ومطلعها:
كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا
وحسبُ المنايا أن يكنّ أمانيا
فقال ابن عبدون معارضاً:
وإني لاستحيي من المجد أن أرى
عليّ لمأمول سواك أياديا
أما (معارضات) الشعراء الأندلسيين لبعضهم بعضاً فأكثر من أن تحصى، ولا سيما في (الموشحات).
ولم تقتصر (المعارضات) على الشعر، فقد تعدته إلى النثر، فشملت الرسائل والمقامات، كتلك التي ظهرت بين الخوارزمي (ت 383هـ) وبديع الزمان الهمذاني (ت 398هـ ) في مجال الرسائل. وكما عارض ابن شرف الأندلسي بديع الزمان الهمذاني في مقاماته، فعمل مقامة في ذكر الشعر والشعراء ، وكما عارض الهمذاني أندلسيون كثيرون.
وأما عصر الدول المتتابعة فيبدأ بسقوط بغداد عام 656هـ وينتهي سنة 1220هـ، وهي سنة قيام محمد علي باشا في مصر. وفيه سيطر العنصر التركي، وساد المماليك في العالم الإسلامي. ويمتاز هذا العصر بظهور الموسوعات الأدبية، وانشغل الشعراء بالمحسنات البديعية في الأساليب لتغطية خواء المضامين الشعرية.
ولعل هذا العصر من أغزر عصور الأدب العربي (معارضات) شعرية، بسبب ضعفه السياسي والحضاري الذي انعكس ضعفاً فنياً، فتوخى الشعراء فيه سابقيهم، يعارضونهم ويحاكونهم.
وأما عصر النهضة الحديثة فيبدأ منذ 1220هـ إلى يومنا هذا. ويمتاز بالنهضة في كل مناحي الحياة، وبظهور أجناس أدبية حديثة كالقصة والرواية والمسرح.. وقد كثرت فيه (المعارضات) الشعرية، لا سيما مع البارودي رائد مدرسة الإحياء، وشوقي رائد مدرسة الاتباعية (الكلاسيكية) الجديدة.
وهكذا كثرت (المعارضات) عندما وجدت أمام الشعراء نماذج شعرية ذات مستوى فني عال، تستحق أن يجرد لها الشاعر التالي عبقريته، معارضاً، ومحاكياً، وطامحاً إلى أن ينسج على منوالها، إثباتاً لمقدرته الفنية.

_________________
المعارضات في الشعر العربي :[تم] Sophan_allh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
S.H.H B
نائب المدير العام
نائب المدير العام
S.H.H B


عدد المساهمات : 235
نقاط : 10869
السُّمعَة : 138
تاريخ التسجيل : 11/11/2010
العمر : 31
الموقع : سوريا

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالسبت 21 مايو 2011 - 19:40

3-معارضات محمود سامي البارودي:
1-عصره:
حاولت كل من فرنسا وإنجلترا، أثناء المد الاستعماري، الاستئثار بمصر، كغنيمة سهلة، فأخذت فرنسا ترسل أبناءها للإقامة بمصر، وتقرض الحكومة المصرية لإنشاء قناة السويس، مما جعل مصر تخضع لفرنسا اقتصادياً. كما أدركت إنجلترا أهمية مصر منذ غزاها نابليون، إذ خشيت، من استيلاء فرنسا على مصر، أن تحول بينها وبين مستعمراتها في الشرق الأقصى. لذلك عملت جاهدة على إخراج نابليون من مصر، فأرسلت أسطولها الذي هزم الفرنسيين في موقعة (أبي قير) وحاولت غزو مصر. لكنها هزمت في معركة (رشيد).
ثم اتفقت المصلحتان الفرنسية والإنجليزية على مصر التي أثقلتها الديون، فوضعتا عليها رقابة ثنائية، تطورت إلى المشاركة في الحكم، إذ دخل وزارة (نوبار) وزيران: فرنسي تولى وزارة الأشغال، وإنجليزي تولى وزارة المال، مما أثار الوطنيين وعلى رأسهم جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده اللذان انتقدا الحكم المستبد، والتدخل الأجنبي، مما أرغم الخديوي إسماعيل على التنازل عن العرش لابنه توفيق الذي أمل الناس منه خيرا، لأنه كان يجتمع بجمال الدين، ويميل إلى الشورى. ولكه بعد أن تولى الحكم تنكر لأصدقائه ومبادئه، فحل المجلس النيابي، وحكم البلاد حكماً مطلقاً استجابة لرغبة الأجانب، مما دفع بالجيش إلى التحرك مطالباً بتولية المصريين المناصب العليا فيه، والتي كانت وقفاً على الجراكسة والأتراك، فاستطاع بقيادة عرابي 1881 أن يعزل وزير الحربية الجركسي المستبد، ويضع البارودي بدلا عنه، ثم أسقط الوزارة ووضع البارودي رئيساً لها. فحاول أن يصلح الأمور بالرفق ولكن الأمور سارت على غير ما قدر، إذ طالب الجيش بعزل الخديوي توفيق. عند ذلك تحركت إنجلترا لتحمي مصالحها، فهزمت الثورة العرابية في معركة (التل الكبير). ونفت زعماءها إلى سيلان، إحدى المستعمرات الإنجليزية في الهند، واحتلت مصر مباشرة.
2-حياته:
ولد محمود سامي البارودي عام 1839 لأبوين من الجراكسة في القاهرة. وينسب إلى إيتاي البارود، وهي بلدة من أعمال مديرية البحيرة في مصر.
كان والده حسن بك حس ن ي من أمراء المدفعية، ثم صار مديراً لبربر ودنقلة في السودان في عهد محمد علي، ( وكان برتبة لواء) توفي بالحمى، ودفن في دنقلة بينما كان محمود في السابعة من عمره.
دخل محمود المدرسة الحربية مع أمثاله من الجراكسة والأتراك وأبناء الطبقة الحاكمة، وهو في الثانية عشرة، وتخرج منها بعد أربع سنوات برتبة (باش جاويش) وعمره ست عشرة سنة.
وعندما سرح عباس معظم الجيش، عوض البارودي عن أمجاد السنان بأمجاد البيان، فعكف على كتب الأقدمين، ورحل إلى الأستانة، فدرس آداب اللغتين التركية والفارسية، ونظم الشعر بهما. وبقي في تركيا ثماني سنوات، عاد بعدها إلى مصر وهو في الرابعة والعشرين، فرقي إلى رتبة (بكباشي).
ثم أوفد إلى إنجلترا وفرنسا، مع جماعة من ضباط العسكرية المصرية للاطلاع على الأعمال العسكرية والآلات الحربية. ثم عاد ليشارك في تأسيس الجيش على النظم الحديثة. ورقي إلى رتبة (القائم مقام) في فرسان الحرس، ثم إلى رتبة لواء (أميرالاي).
اشترك في حرب كريت عام 1865 مع الجيش المصري لإخضاع أهل الجزيرة الذين خرجوا عن طاعة الدولة العثمانية. وقد أبلى فيها، فأنعم عليه السلطان بوسام، وعند عودته عيّنه الخديوي إسماعيل رئيساً للياوران لولي عهده توفيق، ثم اتخذه كاتباً لسره الخاص.
كما اشترك في الحرب الروسية التركية عام 1878 فأبلى فيها بلاء حسناً فكافأه السلطان برتبة أمير اللواء، وبنيشان الشرف، وبالوسام المجيدي.
تقلد البارودي العديد من الوظائف الكبرى منها: محافظ القاهرة، ونظارة المعارف والأوقاف في عهد توفيق باشا. ثم أصبح رئيس النظار. ثم استقال.
اشترك في الثورة العرابية 1881 فقضى عليها الإنجليز الذين احتلوا البلاد، وقبضوا على زعمائها، فنفوهم إلى جزيرة سيلان. ومنهم البارودي الذي ظل في منفاه سبعة عشر عاماً (1882-1899) تعلم فيها الإنجليزية، وترجم عنها إلى العربية، وعندما صدر العفو عنه عام 1899 عاد إلى مصر. وقد كف بصره، فعكف على ديوانه ومختاراته ، وأصبحت داره ندوة يؤمها الأدباء والشعراء، حتى توفي عام 1904.
لقد عاد البارودي من منفاه محطماً منهاراً "أشلاء همّة في ثياب" بعد أن فقد زوجته وابنته وأصدقاءه يقول:
أَخْلَقَ الشيبُ جدّتي، وكساني
خلعةً منه رثّةَ الجلبابِ
لا أرى الشيءَ حين يسنح إلاّ
كخيالٍ، كأنني في ضبابِ
وإذا ما دُعيت حرتُ كأني
أسمعُ الصوتَ من وراء حجابِ
كلما رُمْتُ نهضةً أقعدتني
وَنْيَةٌ لا تقلها أعصابي
لم تَدَعْ صَوْلةُ الحوادث منيّ
غير أشلاءِ هِمّةٍ في ثيابِ
وهكذا قضى السنوات الأربع الأخيرة من حياته، في وطنه، ذهب فيها ما بقي من بصره. فسقط القلم من يد أمير السيف والقلم، بعد أن كان السيف قد سقط منها قبل عشرين عاماً. وهوى النسر من فوق قمته الشامخة، ولكن شعره ظل خالداً مع الزمان.
3-شعره:
كان الشعر في حالة جمود في عصر العثمانيين ومحمد علي، حيث التكلف والتصنع يثقله بالمحسنات البديعية والبيانية، وحيث التشطير والتخميس والتوريات وحساب الجُمّل يجعل القصيدة عبثاً ضائعاً، فقصيدة كل ألفاظها مهملة، وقصيدة كل بيت فيها يبدأ بحرف من حروف الهجاء. وهذا الجهد الضائع دفع بالعقاد إلى أن يسمّي شعراء هذه المرحلة بـ (العروضيين)، مقابل الشعراء (المطبوعين)، للتمييز بين شعر الصنعة والتكلف والجمود، وشعر الطبع والفطرة.
في هذه المرحلة ظهر الشاعر الإحيائي الكبير محمود سامي البارودي قمة شامخة فوق الوهاد، في مرحلة إحياء التراث ونشره. وقد أسهم ظهور المطبعة منذ أيام محمد علي، وإنشاء دار الكتب في عهد إسماعيل، فأمدت الشعراء بكتب التراث ودواوين الشعراء التي كانت سجينة المكتبات الخاصة ومكتبات المساجد. كما أتاحت له رحلته إلى الأستانة التردد على مكتباتها ونسخ طائفة كبيرة من دواوين الشعراء، استعان في نسخها بجماعة من النساخ فملأ حقائبه بها، وحملها معه إلى مصر. وجمع منها (مختاراته) الشعرية في سنوات منفاه الطويلة، فشغل نفسه، وعالج بها آلام الغربة.
ولقد اتصل البارودي بينابيع الشعر الجاهلي والأموي والعباسي، وقرأ دواوين شعراء هذه العصور، واستساغها، ثم تمثلها دقيقاً حتى أشربتها روحه، وباتت جزءاً من شعره، فانطلق يصوغ الشعر محاكياً القدماء، ومقلدا إياهم على طرائق الشعراء العباسيين ومن سبقهم. واتخذ تقليدهم مذهباً شعرياً. وعارض النابهيين منهم من مثل النابغة الذبياني وامرئ القيس وبشار بن برد وأبي نواس والمتنبي وأبي فراس والشريف الرضي، وراح ينسج على غرارهم، ويحاكيهم في مضامينه وتعابيره، وتفوّق على بعضهم في (معارضاته) لهم. وكان الغزل واللهو والنساء والفخر أغراضاً أساسية في شعره.
وهو يرى أن "خير الشعر هو ما ائتلفت ألفاظه، وائتلفت معانيه. وكان قريب المأخذ، بعيد المرمى، سليماً من وصمة التكلف، بريئاً من عشوة التعسف". وهذا التعريف ليس سوى صدى لتعريف القدماء للشعر، كالآمدي الذي وضع يده على (مذهب الطبع) أو (عمود الشعر) الذي يمثله البحتري.
ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن يعنى بصقل شعره، فالطبع وحده لا يكفي، وقد تعهد البارودي شعره بالتشذيب والتهذيب فقال عن شعره:
لم تُبْنَ قافيةٌ فيه على خللِ
كلاّ، ولم تختلفْ في وصفها الجملُ
فلا سنادٌ ولا حشوٌ، ولا قلقٌ
ولا سقوطٌ، ولا سهوٌ، ولا عللُ.
وحسب البارودي فخرا أنه أحيا الشعر العربي بعد مواته، وانتشله من وهاد عصور الانحطاط التي تردّى فيها، إلى أزهى العصور الأدبية العباسية والأموية وما قبلهما.
لقد وثب البارودي بالعبارة الشعرية من الضعف والركاكة إلى الصحة والمتانة وكان قمة شعرية في عصره، بعد خمسمائة عام من الانحطاط والتدهور. ارتفعت فوق وهاد الناظمين العروضيين إلى قمة الشعراء المستقلين المطبوعين، رغم أنه لم يتعلم النحو والصرف والبلاغة العروض، كما كان الطلاب يتعلمونها في عصره. ولكنه تعلق بالشعر عن هوى وسليقة، وأتقن أوزانه ونغماته بموسيقية مطبوعة تظهر في صياغته، كما تظهر في اختياره لشعر غيره، كما يقول أستاذه حسين المرصفي في (الوسيلة الأدبية).
يقول الشيخ المرصفي عنه "إنه لم يقرأ كتاباً في فن من فنون العربية، غير أنه لما بلغ سن التعقل وجد من طبعه ميلا إلى قراءة الشعر وعمله. فكان يستمع إلى بعض مَنْ لـه دراية وهو يقرأ بعض الدواوين، أو يقرأ بحضرته، حتى تصور في برهة يسيرة هيئات التراكيب العربية، ومواقع المرفوعات منها والمنصوبات والمخفوضات، حسب ما تقتضيه المعاني والتعليقات المختلفة، فصار يقرأ ولا يكاد يلحق.. ثم استقل بقراءة مشاهير الشعراء من العرب وغيرهم، حتى حفظ الكثير منها دون كلفة، واستثبت جميع معانيها، ناقداً شريفها من خسيسها، واقفاً على صوابها وخطئها، مدركاً ما كان ينبغي وفق مقام الكلام وما لا ينبغي، ثم جاء من صنعه الشعر اللائق بالأمراء".
هكذا يُعَدُّ البارودي أول ناهض بالشعر العربي من كبوته في مطلع عصر النهضة، إذ قلد فحول الشعراء في أروع قصائدهم، قبل ن يستقل بنظم الشعر. وهو يرى أن "الشعر لمعة خيالية يتألق وميضها في سماوة الفكر، فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب، فيفيض بلألائها نورا يتصل خيطه بأسلة اللسان، فينفث بألوان من الحكمة".
وهذا يعني أن البارودي أدخل في تعريفه الشعر أثر الفكر في العملية الإبداعية وهي بلا شك خطوة في فهم طبيعة الشعر، إذ يقول:
لا تعرضنّ على الرواة قصيدةً
ما لم تبالغ قبل في تهذيبها
فإذا عرضتَ الشعر غير مهذبٍ
عدوهُ منك وساوساً تهذي بها.
أما بناء القصيدة عنده فقد كان تقليدياً ترسم فيها خطا الأقدمين، فيقف على الأطلال على عادة الشعراء الجاهليين، على الرغم من أنه ليس في حياته أطلال. ثم يتغزل أو يتحدث عن خمرياته، بأسلوب تقليدي أيضاً، ثم ينتقل إلى الغرض الرئيسي من فخر أو وصف أو سياسة، كما في قوله:
ألا حيّ من أسماءَ رسم المنازلِ
وإنْ هي لم ترجع بياناً لسائلِ
خلاء تعفّتها الروامسُ، والتقتْ
عليها أهاضيبُ اليوم الحوافلِ
فلأياً عرفتُ الدارَ بعد ترسّمٍ
أراني بها ما كان بالأمس شاغلي
وهكذا يعد البارودي باعث النهضة الشعرية في العصر الحديث، لأنه ارتفع به فجأة إلى منزلة الفحول من الشعراء العباسيين، وأعاد له ديباجته اللغوية، وفصاحة عبارته، ومتانة قوافيه، وخلصه من القيود والأغلال التي كان يرسف فيها إبان عصور الضعف، من حلي لفظية ومعنوية يختفي وراءهما المعنى الغث، والفكرة المبتذلة، وجدد في كثير من أغراضه على غير مثال سبقه من معاصريه.
وضرب نماذج صالحة لمن أتى بعده من الشعراء في أبواب الوصف والشعر السياسي والهجاء الاجتماعي والرثاء والمديح وأظهر أن للشاعر رسالة سامية هي أن يعبر بإخلاص عن خلجات نفسه وتجاربه في وضوح وقوة، كما خلص الشعر من الوصمة التي لحقت به آمادا طويلة، وهو أنه وسيلة للتكسب، فترفع عن المديح الباطل والهجاء الشخصي "وفي يقيني أن البارودي بموهبته العاتية، وبتكوينه الأدبي القوي، ومحافظته على النسق الموروث في الشعر العربي القديم، وكلاسيكيته التي تعتمد على جلال الصياغة ورنين الموسيقى، قد أخر حركة التطور في الشعر العربي الحديث أكثر من نصف قرن، وذلك أن العصر، في مطلع النهضة، كان يهفو إلى التغيير، أي تغيير ينقذه من الظلمة التي تحيط بكل نواحي حياته، وكانت ظلمة الذوق الفني والأدبي في مقدمة قائمة التغيير.
وصادف أن طلع البارودي على ذلك العصر بثقافته العربية الخالصة، وبتكوينه الأدبي القديم. فبدأ التغيير بداءة محافظة، ورد الشعر أكثر من خمسة قرون إلى الوراء. ولكن التغيير صادف هوى من عواطف الجماهير التي كانت ترزح تحت وطأة اليأس والضياع.. ورد إليهم البارودي يقين الثقة بأنفسهم وبلغتهم، ووصلهم بالمجد الذي كادت تختفي ذكراه من خيالهم. فاستمسكوا به وطربوا لجلاجل الصياغة الشعرية ورنينها الموسيقي فيه، ورضوا بحظهم من التغيير أو التجديد. ورفضوا بعده كل تغيير.
ولو أن البارودي بموهبته وثقافته اللغوية والأدبية قد اطلع على الآداب العالمية واهتدى فيها إلى أغوار النفس البشرية ومواضع الجمال وأسرار الصياغة الشعرية ووسائل التصوير والإيحاء لاستخرج من حياتنا ومن بلادنا أسرار اً مماثلة، ولكان من الممكن أن يستعين بالصيغ والقوالب التي استعان بها الغربيون، وأن يبدأ التغيير بشكل آخر يختلف في قليل أو كثير عما بدأه به، ولوفر من عمر حركة التطور في الشعر العربي نصف قرن، قطعته مشدودة إلى مدرسته المحافظة، لا تستطيع الفكاك من سحرها، ولا يجرؤ أحد من الشعراء بعده على مواجهة الجماهير بالتغيير".
في الواقع أن شعر البارودي هو حياته، وأن حياته في شعره. وقد كانت حياته في شبابه تدور حول الفتوة والحب والخمر. وباعتباره نشأ في أسرة عريقة ميسورة، وتطبّع بالحياة العسكرية التي سلكها منذ شبابه المبكر، فإنهما أتاحا له أن يطبع في ذهنه صورة الفارس العربي الذي يقضي حياته بين الحب والحرب، والشجاعة والخمرة. وهذه الأقانيم الثلاثة كانت محاور حياته في هذه الفترة من عمره. وقد ترددت في شعره أسماء طائفة من المحبوبات (هند، لمياء، ليلى، ريحانة، ريا، أميمة..) تغنى بجمالهن، وسجل في شعره ذكرياته معهن، كما صور جمال الطبيعة ومجالس الشراب..
وقد كان أثر التراث عليه قوياً، ولم يكن قد استقل بشخصيته الشعرية بعد، فقد كان ما يزال في مرحلة (ترويض القول)، فحاكى نماذج التراث الشعري، وعارضها، وكان أثرها عليه طاغياً. وقد أعطاه التراث الشعري صورة مثالية للفارس الشاعر الذي يجمع بين الشجاعة واللهو، والحب والحرب، فعاشت هذه الصورة في ضميره حياته كلها. فهو يبدأ قصيدته (ليلة أنس بحلوان) بترديد دعوة أبي نواس التجديدية في نبذ المطالع الطللية في القصائد، والانصراف إلى واقع الشاعر في حانة يتعاطى فيها الخمرة مع رفاقه الشباب:
مالي وللدار من ليلى أحيّيها
وقد خَلَتْ من غوانيها مغانيها
دع الديارَ لقوم يكلفونَ بها
واعكفْ على حانةٍ كالبدر ساقيها
وكما كان أبو نواس يتنقل، بعد المطلع، إلى الحديث عن صاحبته التي (تسقيه من يدها خمراً ومن فيها) فإن البارودي ينتقل أيضاً من المطلع الطللي إلى الحديث عن صاحبته العابثة اللاهية، فيصفها بأنها:
ريّانة القَدّ لو أن الضجيعَ لها
خافَ العيونَ عليها كاد يطويها
يا ليلةً بِتُّ أُسقى من بنانتها
ومن لواحظها خمراً ومن فيها
وإذا كان أبو نواس قد انتهى، قبله، إلى سكرين (من يدها، ومن فيها) فإن البارودي قد زاد عليها سكراً ثالثاً (من لواحظها).
وكما كان عمر بن أبي ربيعة يصف مغامراته الغرامية، وخوف حبيبته من أن ينكشف أمرها، فيهدئ من روعها، ويصور جرأته على تجاوز الأحراس إليها، فكذلك يفعل البارودي، مبيناً سلطة التراث الشعري القوية عليه، حيث يقول:
حتى إذا رفّ خيطُ الفجر وابتدرتْ
حمائمُ الأيْكِ تشدو في أغانيها
قامتْ تمايلُ سكرى في مآزرها
والروعُ يبعثها طوراً ويثنيها
حتى تجاوزتُ أحراساً على شرف
يكاد يمنع همّ النفس داعيها
والمحور الثاني في شبابه، بالإضافة إلى محور الحب. هو محور الحرب التي خاض غمارها، شاباً، في البوسنة والهرسك والجبل الأسود والصرب، حيث دارت رحاها بين تركيا وروسيا عام 1877 وشارك فيها واصفاً أسلحتها وعتادها من مدافع وفرسان ومشاة:
مدافعنا نصب العدا، ومشاتنا
قيامٌ، تليها الصافناتُ القوارحُ
فلستَ ترى إلا كماة بواسلا
وجرداً تخوض الموت وهي ضوابحُ
وعلى غرار ما كان امرؤ القيس يحاور رفيق دربه (الطماح) إلى قيصر، في معلقته، بقوله:
بكى صاحبي لما رأى الدربَ دونَهُ
وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلتُ لـه: لا تبكِ عينك إنما
نحاول مُلْكاً أو نموتَ فنعْذرا
فإن البارودي أدار حواراً بينه وبين رفيق له يحذره من اندفاعه المتهور في الحرب، يقول فيه:
بكى صاحبي لما رأى الحربَ أقبلتْ
بأبنائها، واليومُ أغبرُ كالحُ
ولم يكُ مبكاهُ لخوفٍ وإنما
توهّمَ أني في الكريهة طائحُ
فيرد عليه البارودي بأن الحرب نصر ومجد، أو هزيمة وعار. وإذا كان الموت قدر على البشر فليموتوا في سبيل العزة والكرامة.


_________________
المعارضات في الشعر العربي :[تم] Sophan_allh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
S.H.H B
نائب المدير العام
نائب المدير العام
S.H.H B


عدد المساهمات : 235
نقاط : 10869
السُّمعَة : 138
تاريخ التسجيل : 11/11/2010
العمر : 31
الموقع : سوريا

المعارضات في الشعر العربي :[تم] Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعارضات في الشعر العربي :[تم]   المعارضات في الشعر العربي :[تم] I_icon_minitimeالسبت 21 مايو 2011 - 19:44

المصدر :
الكود:
http://www.pal-stu.com/vb/showthread.php?t=13898


_________________
المعارضات في الشعر العربي :[تم] Sophan_allh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المعارضات في الشعر العربي :[تم]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشعر العربي ............
» سمات الغنائية في الشعر العربي
» عاشر>الأثر الإسلامي في الشعر
» مفهوم تطور الشعر في الوطن العربي
» في الشعر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الرشيد التعليمي :: القسم التعليمي والتربوي :: إثراء مناهجنا الدراسية-
انتقل الى: