كان من بين الذين يحضرون الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، رجل اشتهر
بسرقة المال، والاعتداء على الأنفس والأعراض، وفي ذات يوم سمع الرسول صلوات
الله عليه يقول: "من ترك شيئاً في الحرام ناله في الحلال" فصادف ذلك القول
من نفسه موضع القلب، واعتزم أمـْراً، فلما أقبل الليل بسمائه القاتمة،
تسلل كما تعود، في غفلة من الناس، إلى بيت امرأة مؤمنة، مات عنها زوجها،
وتعيش وحدها، وأخذ يجوس خلال غرفات الدار، فرأى في واحدة منهاطعاماً
مجهزاً، ولما همَّ أن يتناوله، تذكر قول الرسول: "من ترك شيئاً في الحرام
ناله في الحلال" فامتنع عنه وهو يشتهيه، ورأى في غرفة أخرى كيساً من الذهب
النـُّضار، فلما همّ بأخذه، تذكر قول الرسول كذلك، فتركه، ورأى في مكان آخر
امرأة ذات جمال وفتنة، مستغرقة في نوم عميق، فوسوس إليه الشيطان بقربها،
ولكنه تذكر قولالرسول أيضاً، فخرج من البيت دون أن يصيب شيئاً. ثم ذهب
ليؤدي صلاة الفجر في مسجد الرسول كعادته، وبعد الصلاة، انزوى في أحد أركان
المسجد، مفكراً فيما كان منه، وفي تلك اللحظة، أتت المرأة لتقص على النبي
قصة هذا السارق، الذي لم يخنها، وهي تعجب من ذلك، فابتسم الرسول صلوات
الله عليه، وقال لها: "أوحيدة أنت تعيشين؟" قالت: نعم، لقد مات زوجي،
فأشار الرسول إلى الرجل القابع في الركن وقال له: "أمتزوج أنت؟" قال: لا،
ماتت زوجتي منذ حين، فقال له: وهذه المرأة مات عنها زوجها، فهل لكما أن
تتزاوجا؟ فلم يجيبا حياء، فزوجهما الرسول، وهنا بكى الرجل، وقصَّ على
الرسول قصته، وأيدته المرأة فيما قال، وما تنفس الصبح حتى عادا إلى
بيتهما زوجين. وتناول الرجل نفس الطعام الذي تركه، وتملك الذهب، وتمتع
بالمرأة، ولكن في الحلال.
_________________
[right]محمود عجان الحديد
ثانوية الرشيد
الصف الأول الثانوي
mahmoodak33_33@hotmail.com
mahmoodak33@yahoo.com
[/right]